04 - 07 - 2025

وجهة نظرى| هالوين المصريين

وجهة نظرى| هالوين المصريين

هو عيد للرعب والفزع، يحتفل به الغرب.. تزين البيوت والشوارع بالألعاب المرعبة، يتنكر الجميع صغارا وكبارا بأقنعة حتى لاتعرفهم الأرواح الشريرة التى تتجول فى تلك الليلة، حسب ماتروج الأسطورة، .. وبدورهم يخرجون مازحين متقمصين تلك الأرواح، أظافر طويلة، شوكة الشيطان، هياكل عظمية، شموع تقطر دما، عناكب، أقنعة مرعبة، أرجل مقطوعة، أسنان مطلية بالدم.

يتفنون كل عام بجديد يزيد الرعب ويبث الفزع فى صخب صارخ كأنما تلبستهم بالفعل تلك الأرواح الشريرة، أو ربما تكون رسالة تحدى لإثبات أن أيا من الأرواح الشريرة لن تكون أكثر فزعا ورعبا منهم. 

هو يوم عيد، تغلق فيه الدوائر الرسمية ويتفنن الجميع للإحتفال به.. يعدون القصص المثيرة والمرعبة عن جولات الاشباح فى الليل وتعرض السينمات أفلاما للرعب كأنهم فى سباق محموم لبث تلك الحالة الغريبة التى ربما تشعرهم بالنشوة أو البهجة أو التحدى أو محاولة لكسر رتابة وإيقاع وملل الحياة. يبدو الهالوين غريبا على ثقافتنا، وإن كان تسلله بدأ منذ سنوات كتقليعة إفتكستها بعض المدارس الخاصة والدولية التى لايدخر بعضهاآ  وسعا فى طمس الهوية وتعميق حالة التغريب بقدر يفوق كثيرا جهدها فى تقديم مستوى تعليمى متميز..

صحيح أن الهالوين لايعرفه كثير من المصريين وبدا مقتصرا على فئة محدودة إلا أن مظاهر الإحتفال به لاتتوقف ..لايقتصر على اليوم الأخير من شهر أكتوبر كما جرت عادة الغرب لكن احتفالهم به يمتد لأيام السنة كلها ..هذا العام هو هالوين المصريين بجدارة.. وجوههم التى تبدو فزعة من دوامة الغلاء الطاحن.. الرعب الذى يتملكهم كلما وقعت فى أيديهم فاتورة الكهرباء أو الغاز أو المياه.. خوفهم من عطل طارئ لأحد الأجهزة لن يمكنهم إصلاحه فبعدما باتت كل بنود ميزانيتهم موجهة للأكل والشرب وليتها تتحمل.. الخوف من أن يداهم المرض أحد أفراد الأسرة فيقعون بين شقى رحى آلام المرض وعجز عن تحمل فاتورة العلاج .. حالة الفزع التى تنتابهم وهم يتابعون تصريحات المسئولين التى لاتعدهم إلا بمزيد من الغلاء ولاتبشرهم سوى بمزيد من التحمل .. وفوق كل هذا وذاك صوت مكتوم عاجز عن الشكوى لايجد من يسمعه أو يتبنى مواجعه وشكواه.. فالكل تحول لشيطان أخرس تجنبا للسلامة وحفاظا على البقية الباقية من الأمان .. هذا هو الهالوين المصرى، ليس أسطورة لكنه واقع مؤلم ، ليس عيدا لكنه كابوس مزعج.. لاتنطلق فيه الأصوات الفزعة من الرعب افتعالا وبهجة وتحديا لكنها تواجهه بصمت وقهر وصبر وقليل من أمل عسى يوما أن تنزاح عنها كل الوجوه والأرواح الشريرة .عساه يكون الهالوين الأخير.
 -------------------------

بقلم: هالة فؤاد


آ 

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | نذر الحرب تقترب .فماذا نحن فاعلون؟؟